دعاء عبد الرحمن
تفعل فيه ذلك بعد كل ما فعله من أجلها
أقتربت سيارة الدكتور حمدى من منزل بلال الذى شعر بنشوة وانتشاء حينما لاح جانب المنزل من بعيد فقال سريعا
كفاية هنا يا دكتور معلش تعبناك معانا
أبتسم الدكتور حمدى بوقار وقال
ضاحكا
تعب أيه بس هو انا اللى اتعلقت
قال كلمته وضحك بينما اڼفجر بلال ضاحكا ثم قال
ضحكا الأثنان بينما كان فارس واجما شاردا فى عالمه الخاص ترجل بلال من السيارة وانحنى باتجاه فارس وضع يده على كتفه قائلا
الهدوء هو اللى هيعرفك السبب مش الڠضب أهدى وتوكل على الله
أومأ له فارس برأسه بينما شرع الدكتور حمدى فى الأنطلاق بالسيارة إلى حيث منزل فارس
مين حضرتك
ألتفت إليه بلال وابتسم فى وجه الممرض المساعد له فى المركز والذى ما أن رآه حتى كاد أن يهتف متفاجأ باسمه لولا أن وضع بلال يده على فمه وكممه حتى هدأ ثم رفع يده عنه وهو يشير له بالصمت هتف المساعد بسعادة
أبتسم بلال وهو يجيبه بصوت خفيض
الله يسلمك ها أخبار المركز أيه
رفع المساعد كتفيه وهو يقول
حضرتك مشيت من غير ما تقولى وطبعا الناس ابتدت تضايق من سفرك المفاجىء قفلنا شوية بس زوجة حضرتك فتحته تانى ورجعنا كلمنا الناس وبلغناهم ان سبب سفرك كان ضرورى ومسألة حياة أو مۏت والناس تفهمت الوضع وبلغناهم اننا هنتصل بيهم تانى لما المركز يرجع يشتغل
فلم تكن عبير تطمح فى أن ينتظره المرضى فالمړض لا يمكن الصبر عليه ولكن كل طموحها كان فى الحفاظ على سمعته كطبيب حتى لا تتأثر بهذا الاختفاء المفاجىء وانتقطاعه عن متابعة المرضى ألتفت إلى مساعده وقال متسائلا
وانت كنت فاتح ليه دلوقتى
قال المساعد
رفع بلال حاجبيه قائلا
يعنى هى جوه دلوقتى
أومأ المساعد برأسه ثم قال
قالتلى اجيب الحاجات دى ولما ارجع هى هتمشى على طول
أخذ بلال الأشياء من يد المساعد وقال
خلاص امشى انت النهاردة أجازة بمناسبة رجوعى
كانت عبير تجلس على مقعده خلف مكتبه وهى تقلب أوراقه وتحاول فهم ما بها برغم صعوبتها شعرت بمقبض الباب يفتح فعقدت جبينها وأنزلت النقاب على وجهها ونهضت واقفة بتوتر عقدت جبينها بقوة وهى لا تعلم أنها سترى أحب الوجوه إليها على الأطلاق فتح الباب ولكن أحدا لم يدخل ولكنها سمعت صوته يقول
صړخت عبير ووضعت يدها على فمها وجرت باتجاه الباب وفتحته بلهفة لتنظر إليه وإلى ابتسامتة التى زينة وجهه وابتلعت ريقها وهى تحدق به غير مصدقة أنه يقف أمامها لم تمضى عليها ثوان حتى دارت رأسها وسقطت مكانها ولكنها لم تفقد الوعى حملها بلال وأغلق الباب خلفه بقدمه وتوجه بها إلى مقعد الكشف الكبير ووضعها برفق ورفع النقاب عن وجهها وهو يقول بلوعة
عبير أنت كويسة
نظرت إليه بعيون دامعة وهى تقول بوهن
أنت بجد ولا حلم
أبتسم
وهو يمسح على وجنتها ويمرر أنامله على وجهها وهو يقول هامسا
بجد يا حبيبتى أنا طلعت النهاردة وقلت أعملكم مفاجأة بس اظاهر انى غلط
وضعت يدها على وجهه تتحسسه باضطراب وهى مازالت غير مصدقة وتقول
يعنى انا مش بحلم
قالت كلمتها وبدأت فى بكاء مرير ولفت ذراعيها حول رقبته وعانقته بقوة وهى تتشممه وتبكى وتنتفض وتقول هاتفة
يارب مكنش بحلم يارب تكون حقيقى يا بلال يارب تكون رجعتلى يا حبيبى
ضمھا إليه بقوة وهو يمسح على ظهرها برقة وقد اغرورقت عيناه بالدموع من فرط تأثره بكلماتها وهو يقول مطمئنا
أطمنى يا حبيبتى أنا هنا والله أنا بجد أطمنى وحشتينى وحشتينى أوى
رفعت رأسها من صدره ونظرت إليه مرة أخرى وهى تمسك بوجهه بين راحتيها وقالت
شفت الولاد وماما ولا لسه
هز رأسه نفيا وهو يقول مبتسما
أنا لما عرفت انك هنا مقدرتش أروح فى حته تانية دخلتلك على طول
أنتبهت عبير وهى تقول
هو الممرض بره
هز رأسه نفيا مرة أخرى وتلمس وجنتها وهو يتأملها قائلا بشوق
متقلقيش أنا مشيته وقفلت باب المركز من جوه يعنى أحنا لوحدنا دلوقتى
نظرت له وابتسمت بحب فقال بمرح
فاكرة
نهض من مقعده وجلس جوارها قائلا بخفوت
هى رجلك عاملة أيه دلوقتى !
هتفت أم فارس وهى توجه كلامها لأم يحيى قائلة
يالا بسرعة يا ام يحيى زمانهم على وصول
وضعت أم يحيى القدر على الڼار وهى تقول
مش كانوا بلغونا من بدرى كنا عاملنا أصناف كتير
مسحت مهرة العرق من جبينها بظهر يدها وهى تقول بحماس
كده خلاص الرز كمان خلص
قالت أم يحيى لمهرة
تصدقى يا بت يا مهرة أول مرة أعرف أنك بتعرفى تطبخى
قالت أم فارس معاتبة
وهتعرفى منين متخاليناش نتكلم بقى
خلاص بقى المسامح كريم
غيرت أم يحيى مجرى الحديث قائلة
أنا حاسة ان الأكل ده مش كفاية
قالت مهرة مبتسمة وهى تقطع خضروات السلطة
اصلا الدكتور فارس لما بيكون مبسوط مش بياكل كتير علشان كده متتعبيش نفسك المهم بس السلطة جنب الأكل علشان بيحبها أوى
توجهت أم يحيى خارج المطبخ وهى تقول
أنا سامعة دوشة تحت هروح اشوف خناقة دى ولا أيه
خرجت أم يحيى بينما انتفض قلب مهرة وهى تقول بخفوت
شكلهم وصلوا
الجنون واحمر
وجهها بشدة وتسللت الدموع من مقلتيها رغما عنها مختلطة بابتسامتها التى ملأت وجهها
رفع فارس وجهه للشرفة وهو يحاول تخطى الجميع بصعوبة ليستطيع أن يرى والدته التى كانت تهتف باسمه وتدعوه للصعود بسرعة كانت تلك النظرة كفيلة أن يراها ولو لثوان ويرى تعابير وجهها ودموعها تراجعت مهرة خطوة للوراء وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة وشعرت أنها لن
تستطيع أن تحتمل هذا اللقاء
خرجت من الشرفة تجرى إلى باب الشقة فتحته وصعدت مسرعة وهى تسمع وقع أقدامه على السلم يصعد بسرعة أكبر من التى تصعد هى بها ولكن خۏفها من لقاءه جعلها تسرع أكثر حتى وصلت لباب شقتها أختفت بعيدة عن السلم واستمعت لوقع أقدامه وهو يقترب من شقته ويتبعه الدكتور حمدى وسمعت والدته وهى تبكى وتهتف باسمه
وحشتينى أوى يا أمى
دخل شقته وهو يلف ذراعه حول كتفها وهو يقول للدكتور حمدى
أتفضل يا دكتور أتفضل
ثم نظر إلى أم يحيى التى كانت تقول بفرحة
ألف حمدلله على سلامتك يا دكتور
أبتسم فارس وهو يومىء برأسه قائلا
الله يسلمك يا ست أم يحيى
تجولت عيناه فى المكان سريعا كان يتوقع أن يراها ولكنها غير موجودة تحول بنظرة إلى المطبخ فربما تكون هناك وهنا قالت والدته وهى تضيق عينيها بمكر
بتدورعلى حد
ألتفت برأسه إليها وقال متلعثما
ها لالا مفيش أنا بس ھموت من الجوع وحشنى أكلك أوى يا ماما
قالت وهى تشير لعينيها
من عنيا يا حبيبى
سمع أم يحيى وهى تقول موجهة كلامها لأم فارس
هى
البت مهرة مش كانت واقفة معانا فى البلكونة أختفت فين البت دى فجأة
قالت أم فارس مبتسمة
شكلها طلعت فوق
ظلت مهرة واقفة أعلى الدرج أمام باب شقتها لا تعرف ماذا تفعل تخاف من مواجهته أن ينظر إليها بعد الخاطرة التى كتبتها على ظهر الصورة وأرسلتها إليه قاصدة أن تخفف عنه وتلهمه الحل وهدوء النفس فى حالة معرفته بما فعلت زوجته به
فارس !
تقدم نحوها وعينيه ينبعث منها الشرر والڠضب تراجعت للخلف وكأن لسعات غضبه تطولها فټحرقها نظر لها بأحتقار ورفع يده وصفعها بقوة على وجهها وهو يهتف بها
حقيييرة
وقعت على المقعد الصغير وقبل أن تنهض تقدم منها بسرعة وقبض على شعرها بقوة وهو ينظر إليها بتقزز واشمئزاز قائلا بصوت مخيف
وارتطمت وجنتها بصڤعة أخرى وصړخ فيها قائلا
عاد إلى منزله مساءا وهو يشعر أنه قد فقد جميع قواه وبذل مجهودا نفسيا مضنيا هبت والدته منتفضة واتجهت إليه متلهفة وقالت
كده يا فارس تعمل كده فيا انا كنت ھموت من الخۏف عليك
تنفس بعمق ثم ربط على كتفها مطمئنا وهو يقول بإرهاق
معلش يا أمى أنا آسف كان جوايا شحنة وعاوز اطلعها فى مكانها اللى يستهالها
نظرت إليه متفحصة بقلق وهى تتسائل
روحتلها مش كده عملت فيها حاجة
هز رأسه نفيا وهو يقول بابتسامة واهنة
مټخافيش عليا أنا فشيت غلي فيها وخلاص هو أنا مچنون أضيع نفسى فى واحدة زى دى
أخذته من يده كالأطفال وذهبت به إلى غرفته وأجلسته
إلى فراشه قائلة
نام شوية طيب شكلك تعبان أوى ده انت حتى مستريحتش من ساعة ما رجعت
خرجت وتركته يهوى بجسده المنهك فوق
فراشه وهو يفكر فى زوجته وما فعلته به منذ أول يوم زواجهما وحتى هذه اللحظة ويتسائل عن سبب واحد فعله معها جعلها تنكر كل شىء وتقذف به خلف ظهرها وتخطوا فى طريقها على جثته بهذا الشكل القبيح فلم يجد شىء إلا دنائتها فالشخص الدنىء لا يؤثر فيه معروف ولا يستقبح منكرا
لقد أخطاء منذ اللحظة الأولى عندما قبل الأرتباط بفتاة مثلها لم يعطى بالا وهو يقرر الارتباط بها لحديث النبى صل الله عليه وسلم أظفر بذات الدين تربت يداك
وكانت هذه هى النتيجة غطى الطمع عينيها ولم تجد دينا يردعها فما كان منها إلا الخېانة أغمض عينيه فى سكون وهو يشعر فيهما پألم شديد وكأن نغزات شوك شديدة تنغزه من كثرة الإرهاق والتعب والجهد ورغم أنها الليلة الأولى التى سينامها على فراشه بعد كل ما مر به إلا أنه لم يرتاح وظلت رأسه تدور حتى سقط فى نوم عميق فجأة وكأن النوم بئر قد أسقط فيه رغما عنه على حين غره
فى الصباح استيقظ على صوت رنين الهاتف فنهض وهو يشعر پألم فى عظامه شديد نهض بتاكسل وتثاقل وعندما فتح الباب سمع والدته تتحدث فى الهاتف قائلة
لاء لسه مصحيش يابنتى أطمنى ليه القلق اللى انت فيه ده قلتلك امبارح أنه جه كويس ودخل نام لاء مټخافيش لو كان حصل حاجة كان هيبان عليه يعنى طيب ماشى خلاص مع السلامة
أنهت المكالمة واستدارت لتجده يقف بجوار باب غرفته عاقدا ذراعيه أمام صدره والابتسامة تعلو وجهه وهو يقول
كانت بتطمن عليا مش كده
أبتسمت والدته بمكر وهى تقول بلامبالاة
هى مين دى قصدك مين
اقترب منها وقبل وجنتها وهو يقول بمرح
مش عارفة مين يا ست أم فارس
ضحكت وهى تتجه للمطبخ فدخل خلفها وهو يقول بأصرار
ممكن بقى تحكيلى كل حاجة مكنتش واخد بالى منها
ألقت عليه نظرة وهى تعد الأفطار ثم قالت
وانا مالى أسأل صاحبة الشأن
تنهد بقوة وهو يقول
اسألها ازاى بس مش هينفع اكلمها أصلا
وضعت والدته طبقين فى يديه ثم أخذت بقية الأطباق وخرجت من