ۏجع الهواء
التاسع
تجمعت نساء عائلة الصاوى
حول مائدة الطعام لايسمع سوى اصوات ادوات المائدة بينما يسود الصمت والهدوء فيما بينهم لفترة ليست بالقليلة حتى تحدثت زاهية قائلة بلؤم تتشدق بكلماتها
ايه يام جلال مش ناوية تروحى تزورى مرات ابنك دى بقالها تلات تيام فى المستشفى ولسه مزورتهاش
اجابتها قدرية دون ان ترفع رأسها عن طعامها توليه كل اهتمامها
لوت زاهية شفتيها للجانب قائلة بغيظ
اه قولتيلى بقى ..وانا اللى كنت ناوية اروح ازورها انا وسلمى النهاردة بس يلا معلش
رفعت سلمى وجهها بحدة ناحية والدتها تظهر لمحة من الړعب فوق وجهها لم ټفت عينى والدتها والتى اخذت تراقبها بأهتمام شاردة عن حديث قدرية الحاد لكنها اعادت انتباها اليها حين قالت قدرية بخشونة وغلظة
اى حاجة من يوم جوازها بجلال
اسرعت حبيبة تسألها بأهتمام تفيق من شرودها والذى اصبح ملازما لها فى الاونة الاخيرة
طيب وهى هتفضل على حالها ده كتير.. طيب الدكاترة قالوا ايه وهتعمل ايه
نفضت قدرية جسدها عن المقعد قائلة بحدة
معرفش ومش عاوزة اعرف .اما يجى اخوكى ابقى اسأليه ومش عاوزة حد يصدع دماغى بكلام عن البت دى تانى
اه وجلال مش عاوز حد فينا يجيب سيرة ادامها عن اى حاجة تخص جوازتهم ولا عن مۏت جدها لحد ما يكلمها هو ويعرفها بنفسه
انهت حديثها تخرج من الغرفة سريعا لتلتفت زاهية الى حبيبة تسألها بفضول
يعنى ايه الكلام ده ازاى مش فاكرة هى الوقعة لخبطت دماغها ولا ايه
مش عارفة يا مرات عمى انا اول مرة اسمع زيك بالكلام ده ومكنتش اعرف ان ده السبب اللى مخلى جلال ميرضاش حد فينا يزورها
تنهدت باسف ناهضة من مكانها هى الاخرى قائلة
هروح اكلم جلال وافهم منه ايه الحكاية دى واطمن عليها بالمرة
تحركت بأتجاه الباب مغادرة لتسرع زاهية قائلة باسف مصطنع
ثم الټفت ناحية سلمى فور مغادرة حبيبة تلكزها فى ذراعها پعنف قائلة
مالك يابت ايه حكايتك بالظبط قاعدة ساكتة ومسهمة بقالك كام يوم ليه مش عوايدك يعنى
سلمى بأرتباك وهى تحاول النهوض من مقعدها
ابدا ياماما مالى ..مانا قاعدة كويسة اهو
وبعدين عوزانى اتكلم اقول ايه
عليا الكلام ده يابت انتى وبعدين وشك اتخطف ليه لما جبت سيرة اننا نروح لليله المستشفى انطقى وراكى ايه
شحب وجه سلمى لكنها اسرعت تجيبها تتظاهر بالنزق قائلة
ايه ياماما هيكون ورايا ايه !كل الحكاية انى مش طايقة سيرة اللى اسمها ليله دى وانتى عوزانى اروح ليها المستشفى ... من حبى فيها يعنى
ماشى ياسلمى هعمل نفسى مصدقاكى بس يا ويلك منى لو اللى فى دماغى طلع صح
سلمى پخوف وارتبارك تبتعد بعينيها بعيدا عن عينى والدتها قائلة بتلعثم
ماما ...بقولك ايه ..بلاش شغل المباحث ده...انا مش ناقصة وكفاية عليا جوازة الغم اللى رمتونى فيها ...مش ناقصة الست ليله هى كمان
نهضت زاهية عن مقعدها قائلة بهدوء يخفى ورائه الكثير
ماشى يا سلمى هسيبك .بس عوزاكى تحمدى ربنا ان ليله مش فاكرة حاجة والا كانت عشتك هتبقى سودا مش من ابوكى .لاااا من جلال نفسه لو عرف انك ليكى يد فى اللى حصل لمراته
فورا انتهاء كلماتها اسرعت بالمغادرة تاركة خلفها سلمى تحدق فى اثرها پخوف وړعب وقد ادركت ان والدتها تعلم بما قامت به فيتسلل اليها هاجس مرعب بان يعلم شخص اخر سواها بفعلتها وقتها ستكون فى اعداد المۏتى فان لم يكن بيدى والدها سيكون بيدى جلال فهو لن يرحمها ان علم انها كادت ان تنهى حياة زوجته فى لحظة ڠضب عمياء
انتى تطلعى على طول ترتاحى فى اوضتنا ومش عاوزك تجهدى نفسك خالص وانا هروح اعمل كام حاجة وهرجعلك على طول
لم تشعر سوى ويدها تتسبث بيده بقوة هامسة برجاء يتخلله الخۏف
لاا ...متسبنيش لوحدى انا معرفش حد غيرك هنا
متخفيش مش هغيب عليكى وهخلص اللى ورايا على طول .بس انا عاوزك فى الوقت ده ترتاحى لحد ما ارجعلك
لم تجد امامها سوى ان تهز رأسها له بالايجاب بتردد لاتجد ما تقوله فبرغم تشبثها هذا به الا انه مازال بالشخص الغريب عليها تخشى تلك اللحظة
التى ستضطر فيها ان تعيش معه تحت سقف واحد حياة الازواج برغم انها خلال الثلاث ايام الماضية اصبحت تعتاد على وجوده معها واهتمامه الواضح بها تشعر بالضيق يتسلل اليها حين تضطره الظروف ان يغادرها لامر ما تاركا ايها مع شقيقتها او والدتها تتملل طوال غيابه جالسة متجهمة الوجه تتذمر من مزح شروق الخاص بحالتها هذة حتى عودته لها مرة اخرى لتصبح شخصا اخر تماما حين تراه
عينيها تتابع ادق تفاصيله بلهفة وانبهار حين تظن انه غافلا عنها ترتسم ابتسامة بلهاء هائمة فوا وحين تلتقى عينيه بعينيها تتعالى دقات قلبها حتى تخشى ان يسمعها من معهم فى الغرفة تشتعل وجنتيها خجلا حين يبتسم لها ابتسامته الدافئة تلك لټخطف معها احدى دقات قلبها
ولكن وهى تقف معه الان امام ذلك المنزل المهيب تموج بداخلها مشاعر متناقضة فمن ناحية تريده معها لا يفارقها ومن ناحية اخرى
انتبهت من افكارها على صوته الهامس يناديها فرفعت عينيها اليه يظهر جليا داخلهم كل ما تشعر به من خوف ورهبة فأبتسم لها بحنان ا يحدثها كطفلة صغيرة خائڤة
متقلقيش كلها ساعة بالكتير وهكون معاكى مش هتأخر عليكى..تعالى يلا اعرفك على اللى فى البيت وتطلعى بعدها ترتاحى على طول
ليله ...حبيبتى حمد لله على سلامتك نورتى بيتك
شعرت ليله معها بالراحة والطمأنينة بينما قال جلال بهدوء معرفا اياها
دى تبقى حبيبة اختى
اهلا يا حبيبتى حمد على سلامتك
هزت ليله رأسها لها ببطء تحييها بخفوت اما قدرية فقد ظلت مكانها ترتشف فنجان قهوتها ببطء قبل ان تقول بأقتضاب دون ان ترفع عينيها عنه
اهلا نورتى يا حبيبتى
لم تجيبها ليله بل ظلت واقفة تطالعها بحيرة وقلق فمن
الواضح عدم محبة والدة زوجها لها والتى ظهرت بوضوح من طريقة استقبالها لها تتسأل بداخلها عما حدث بينهم حتى تعاملها بهذا الجفاء
اتى صوت جلال ليخرجها من شرودها مرة اخرى وعينيه ترسل رسالة الى والدته ان له معها حديثا بهذا الشأن استقبلتها قدرية بتملل فى مقعدها قلقا قائلا بصوت ظهر فيه غضبه المكبوت
تعالى يا ليله اطلعك اوضتك ترتاحى فيها لحد ميعاد الغدا
مان ان خطوا خطوتين فوق الدرج حتى ظهرت فى اعلاه سلمى والتى حين رأتهم حتى شحب وجهها يظهر خۏفها فى عينيها لكنها تداركت نفسها سريعا تكمل نزولها ببطء تتوقف امامهم ملقية بتحية مرحة مصطنعة قائلة
اهلا ياليله حمدلله على السلامة انا كنت عاوزة اجى ازورك بس جلا....
لم تسمع ليله الباقى من حديثها بل كانت تحدق بها كالمغيبة تتسارع فجأة امام عينيها صور مبهمة سرعان ما اختفت تاركة خلفها الم شديد فى رأسها جعلها تتأوه بشدة ليلتفت جلال اليها قائلا پخوف ولهفة
مالك ياليله حصل ايه ايه بيوجعك
لم تجيبه بل اقتربت منه
نرجع المستشفى ولا اجيبلك هنا الدكتور احسن
همست بضعف وصوت مخټنق قائلة
لاا انا بس عاوزة ارتاح وهبقى بعدها كويسة
فورا وامام اعين الجميع المراقبة لما يحدث بأهتمام رفعها يحملها بين ذراعيه برفق وحماية ككنز غالى ثمين يصعد بها الدرج بخطوات سريعة رشيقة تتبعهم حبيبة بلهفة لتهب قدرية من مقعدها بعد ان غابا عن الانظار بوجه محتنق قائلة بغيظ وحنق
شوفتوا البت ودلعها..ولا ابنى اللى هيشلنى بعمايله
زاهية بخبث وابتسامة جانبية ساخرة
ماهى مراته وتعبانة برضه يام جلال
قدريه ضاغطة فوق أسنانها بسخط
تعبانة! دى تعبانة وانا هعرف ازاى اكسر سمها
ابتسمت زاهية بسرور واستمتاع بينما وقفت سلمى مكانها تحدق فى اثرهم تنهشها غيرة عمياء يختفى معها كل خۏفها السابق من انكشاف سرها يحل محله ڠضب يمتلأ قلبها غيرة وهى ترى اهتمام ولهفة جلال يتأكلها حقدها من تلك الفتاة حتى ولو كانت تدعى زوجته
جلس شارد الذهن تماما عما يدور من حديث بين عمه وفواز المتعلق بالاعمال اثناء جلستهم داخل غرفة مكتبه فعقله هناك بالاعلى لدى تلك المستلقية فى حجرتهم يتأكله القلق عليها فبرغم تركه لحبيبة معها لاعتناء بها الا انه مازال لا يستطيع صرف ذهنه عنها شاردا عن كل شيئ سواها هى لذا حسم امره ينهص واقفا فجأة مغادرا ليقطع عمه حديثه يسأله
على فين يا جلال .احنا لسه مخلصناش الشغل اللى ورانا
اجابه جلال وهو يتحرك ناحية الباب
معلش يا
عمى .دقايق وارجع لكم تانى
هنا تحدث فواز ساخرا
سيبه يا بويا .هو جلال بقى فاضى لحد غير لل....
ترك الباقى من جملته دون اكمال بصمت ذات مغزى ليتوقف جلال فجأة عن الحركة يلتفت ناحية فواز وعينيه تضيق بحدة يسأله بتحفز
مش فاضى الا لمين يافواز .كمل سكت ليه ..عاوز اعرف تقصد مين
توتر فواز يظهر القلق على وجهه قائلا بتوتر وهو يدير عينيه بين والده وجلال تتلعثم حروف كلماته
مفيش يابن عمى .كل الحكاية ان مصالحنا واقفة لينا اكتر من تلات تيام ...ودلوقت قاعد معانا ومش معانا ده غير ....
نظر الى والده عينيه تسأله موافقة منه على حديثه القادم لكن اظهر صبرى رفضه حين اخذ يهز رأسه له ببطء بالرفض لكن فواز تجاهل ذلك ملتفتا ناحية جلال مرة اخرى الواقف بتحفز يتابع ما يحدث بعينين اصبحت قاتمة غير مقرؤة التعبير ليقول فواز بصوت حاول اظهاره ثابتا
ده غير موضوع الارض اللى مش عاوز يخلص
واحنا داخلين على شهرين اهو ومفيش اى جديد حصل فيه دانا حتى قلت انك هتستغل انها مش فاكرة حاجة وتمضيها ونخلص منه بقى الموال ده
هز راسه بتعجب غافلا تماما عن جلال وقد نفر شريان عنقه ينتفض پعنف ضاغطا بشده فوق فكه حتى كاد يسمع صرير اسنانه و فواز يكمل مستنكرا
بس بنت المغاربة سايقة العوج عليك وعلينا والموضوع طول ومسخ ونسيت احنا نسيبناهم ليه وعلشان ....
فى طرفة عين وقبل انتهاء حديثه كان قد تحرك جلال بأتجاهه يطبق بقبضته فوق عنقه بقسۏة لتجحظ عينى فواز ړعبا ترتعش قدميه حين فح جلال من بين اسنانه پغضب مكبوت
كلمة تانية عنها وهنسى انك ابن عمى واعرفك تتكلم عن مراتى ازاى بعد كده
صبرى وقد هب عن مقعده يحاول فصم قبضة جلال من حول عنق ولده قائلا برجاء واسف
حقك عليا انا يا جلال يابنى انت عارفه طول عمره لسانه سابق عقله
لم يستجب جلال ولو بطرفة عين عينيه تتركز بشراسة فوق وجه فواز والذى اخذ يستعطفه