الأحد 24 نوفمبر 2024

حكايه مريم

انت في الصفحة 17 من 56 صفحات

موقع أيام نيوز


ممېته بالكاد كانت تري أمامها ..
لكنها إستطاعت تجميع آدوات صنع القهوة كما عثرت بسهولة علي فنجان كبير أضافت له بعض القهوة و القليل من السكر
ثم شغلت وعاء التسخين المصنوع من معدن الكروم حيث إستطاعت أن تري صورة وجهها الشاحب بوضوح و تلك الهالات الزرقاء المحيطة بزوايا عيناها
لا تدري ماذا أصابها بالضبط !
لا يمكن أن تكون همومها فهي معتادة علي نوبات الضيق و الحزن منذ فترة طويلة ليس هناك ثمة مشكلة في هذا إطلاقا ..

لعله حديث فادي الذي لا تتذكر منه شئ الآن !
أو لعله عراك ليلة أمس الذي أنشبه إبن الجزار !
أو .. لعلها ملك الطفلة المسكينة التي يهددها المۏت بسبب إفتقار أسرتها للمال !!
لم تشاء سمر الإسترسال في التفكير أكثر لئلا تزداد حالتها سوءا فهزت رأسها بخفة و هي تركز نظرها المرهق علي شريط مقياس الحرارة المرفق بوعاء التسخين ..
و بعد دقيقة واحدة أطلقت الآلة رنين قصير معلنة إنتهاء الغليان
لتصب سمر السائل الساخن في الفنجان ثم تضعه فوق طبق نحاسي مسطح و تحمله تذهب لتقدمه إلي عثمان ..
إتفضل يافندم ! .. قالتها سمر بخفوت و هي تنحني قليلا لتضع الفنجان فوق المكتب
بينما شكرها عثمان بإبتسامة و هو يتظاهر بتصفح هاتفهه 
شكرا يا سمر . و آسف لو تعبتك.
سمر مبتسمة بصعوبة 
العفو يافندم . مافيش تعب أبدا . دي حاجة بسيطة .. ثم سألته بتهذيب 
تؤمرني بحاجة تانية 
عثمان بجدية 
أه . كنت عايزك في موضوع . أقعدي يا سمر لو سمحتي .. ثم ترك هاتفهه جانبا و أكمل و هو يقوم من مكانه 
تعالي نقعد هناك أحسن عشان نعرف نتكلم كويس.
و أشار لها إلي مقعدين مقابلين في الوسط
تبعته سمر بفم مطبق و كأنها بلا إرادة . بلا روح ..
جلس عثمان واضعا ساقا فوق ساق لتجلس هي الأخري راسمة تعبيرات هادئة جدا علي وجهها
خير يافندم .. قالت سمر بتساؤل 
إيه الموضوع إللي حضرتك عاوزني فيه !
نظر لها عثمان محاولا تقدير التبدلات التي مرت بها منذ أخر لقاء لهما البارحة و حتي هذه اللحظة ..
شكلك مش مظبوط خالص يا سمر ! .. تمتم عثمان و هو يحدجها بتركيز
بينما قطبت سمر قائلة 
مش مظبوط إزاي حضرتك !
يعني . وشك مرهق خالص . و زي ما تكوني واقعة في مشاكل كبيرة . ماكنتيش كده لما سيبتك إمبارح ! .. لم تجب سمر فأضاف 
أعتقد إن في مشكلة تانية بتواجهك 
سمر بإبتسامة خفيفة 
لأ أبدا حضرتك . مافيش و لا مشكلة بتواجهني حاليا الحمدلله . بس آا ..
و أوشكت أن تحكي له عن أحداث الليلة الماضية 
كيف تعارك شقيقها مع أحد الشبان الأشرار بمنطقتهم و كيف حاولت التدخل لتحول بينهما و كيف نجي فادي من الوضع بشكل لم تتخيله و كيف كانت ستموت هي من الړعب !
و لكنها توقفت
لأنها أدركت أنه قد يفهمها خطأ يكفي ما فعله من أجلها حتي الآن لا يجب أن تزيد عليه و تبالغ في شكواها ..
أنا بس قلقانة علي ملك .. هكذا أكملت عبارتها السابقة ببساطة و هي تبتسم له بلطافة زائدة
عثمان بإبتسامة مماثلة 
إنتي بتبالغي أوي في قلقك عليها .
قولتلك أختك هتبقي كويسة خالص .. صدقيني.
سمر و هي تدعي من قلبها 
يا رب . يا رب يافندم .. إنت أصلك ماتعرفش ملك دي بالنسبة لي إيه . دي بنتي مش بس أختي . أنا إللي إهتميت بيها من يوم ما ماتوا بابا و ماما.
والدك و الدتك إتوفوا مع بعض !
سمر بحزن 
أيوه . ماتوا في حاډثة عربية . لسا ماكملوش سنة.
عثمان بتعاطف زائف 
الله يرحمهم.
سمر بإبتسامة حزينة 
أمين .. ثم نظرت إليه قائلة بإستحياء 
حضرتك صاحب فضل كبير أوي عليا أنا و أخواتي . بجد نفسي في يوم أقدر أردلك جزء من جمايلك علينا.
عثمان بضيق 
يا سمر قولتلك قبل كده مابحبش الكلام ده !
خلاص خلاص . أوعدك مش هضايق حضرتك تاني.
و بلاش حضرتك دي كمان.
سمر و قد توردت وجنتاها 
ماينفعش حضرتك.
عثمان بحدة 
تاني حضرتك 
أومال هقول إيه بس .. تساءلت بحيرة ليجيبها ببساطة 
قوليلي عثمان عادي جدا.
سمر بخجل شديد و هي تخفض رأسها بسرعة 
يا خبر ! لأ .. أعذرني مقدرش.
تنهد عثمان و هو يهز رأسه بيأس منها ثم قال بهدوء 
إنتي تعرفي إني كنت متجوز قبل كده 
و هنا تطلعت سمر إليه ..
حضرتك كنت متجوز .. تمتمت سمر و أكملت بإستغراب 
غريبة !
هي إيه دي إللي غريبة !
سمر بتلعثم 
لأ مش قصدي حاجة . أصل حضرتك قلت كنت متجوز ! معناها إنك طلقت.
أيوه !
سمر بإبتسامة مرتبكة 
أنا بس إستغربت مين دي إللي ممكن تتجوزك و تبقي حابة تنفصل بعد كده . حضرتك إنسان كويس جدا يعني.
عثمان و هو يلوي ثغره بإبتسامة ساخرة 
بس هي بقي ماكانتش كويسة أبدا.
عقدت سمر حاجبيها إثر هذا و لم تعلق ليكمل هو بنبرة لامبالية 
طلقتها ليلة الفرح.
سمر بذهول و قد عجزت عن الصمت 
يا نهار أبيض !
إبتسم عثمان و هو يسألها 
إيه مالك مستغربة أوي كده ليه إنتي ماقرتيش الخبر في الجرايد و لا إيه الموضوع مافتش عليه كتير !
لأ حضرتك . أنا مش فاضية للحاجات دي .. ثم سارعت لتصلح الجملة 
أقصد يعني مشاكلي أحيانا كتير بتشغلني عن كل إللي بيدور حواليا !
أومأ عثمان بتفهم و قال 
أنا أصلا ماكنتش بحبها .. الجوازة كانت مجرد جوازة مصلحة عشان نربط عليتها بعيلتي .. ثم أردف و هو يرمقها بنظرات ذات مغزي 
إنتي عمرك حبيتي يا سمر 
أجفلت سمر من سؤاله و ردت بعد برهة 
حب ! لأ يافندم . بصراحة عمري ما جربت الحكاية دي.
ليه ماتقنعنيش إن محدش عرض عليكي و لا مرة !
سمر بإبتسامة خجلة 
مش بالظبط و الله .. بس أنا بحب أبقي في حالي . و كمان ماحبش أتخدع أبدا . كفاية مشاكلي عليا . بمعني أدق يعني أنا مش ناقصة و سايبة الحب ده علي جنب . زائد إن الحب أساسا أنواع.
يعني إيه !
يعني في حب مش طاهر . مش قايم علي الإحترام و لا المبادئ .. وضحت أكثر و هي تشعر بقليل من الخجل 
حب زي ده مايبقاش حب و لا يبقي حاجة شريفة أصلا . و أنا مش ممكن أفرط في شرفي أو أسوأ سمعتي !
عثمان بلهجة متنمرة 
طيب . ممكن يبقي إيه ردك لو واحد زيي مثلا عرض عليكي الحب يا سمر !
سمر و هي تضحك علي نكتته الساخرة 
يا خبر ! واحد زي حضرتك إنت مافيش واحدة تفكر في عروضك أصلا . عروضك كلها مقبولة
مقدما .. و تابعت ضحكها الهادئ
ليبتسم عثمان ثم يعلن بصراحة 
طيب يا سمر .. أنا بعرض عليكي الحب دلوقتي !
صمت مفاجئ .. ثم إنفرجت شفتا سمر عن دهشة و قد عاد الشحوب إلي وجهها ثانية ..
بإرتداد سريع و لا شعوري تقريبا تحركت بعيدا عنه بقدر ما سمح لها به مسند الكرسي
لكنه لم يأت بأي حركة نحوها و قال بإتزان تام 
أنا دلوقتي راجل عازب . و من حقي أرتبط بأي واحدة تعجبني .. و أنا إختارتك إنتي يا سمر.
سمر بتوتر واضح 
ح حضرتك أ كيد
 

16  17  18 

انت في الصفحة 17 من 56 صفحات