الأربعاء 27 نوفمبر 2024

حكايه مريم

انت في الصفحة 42 من 56 صفحات

موقع أيام نيوز


مصلحة جديدة و لا إيه المزة جتلك محملة صح .. و غمز له بعينه
المدير بتوبيخ
إهمد شوية ياض و طرطألي ودانك . عايزك تنزل بسرعة و تقطرلي البت إللي لسا نازلة . عايزك تجيبلي قراراها و تعرفلي هي مين.
الشاب بضيق مصطنع
إنت ماتحتاجنيش أبدا إلا في المشاوير !
بقولك إيه مش عايز رغي كتير و بعدين إنت عارف إني معينك هنا ندورجي ببعتك تجيبلي أخبار الناس و بديك أجرك .. ثم قال بصرامة

إنجز بقي و ألحقها بسرعة قبل ما تمشي أحسن و الله أمشيك أنا و دلوقتي حالا.
الشاب بضحكة ساخرة
لا و علي إيه . هطير أنا أهو و هاجبيلك أخرها قبل أولها كمان ده إنت تؤمرني يا ريس.
و إنطلق متعقبا إثر الزائرة
بينما أمسك المدير بهاتفهه و أخذ يبحث في اللائحة عن إسم معين ...
في قصر آلبحيري ... تذهب هالة لتطمئن علي والدها
تجده جالسا في الظلام وحده غرفته هادئة تماما و كئيبة مثل كل شيء في البيت كله ..
تقترب منه ببطء ثم تركع أمام مقعده و تقول بصوت حزين
بابي ! إنت كويس .. يا بابي بليز رد عليا . هتفضل ساكت علطول كده !
رفعت بصوت خال من أي تعبير
عايزاني أقول إيه يا هالة مافيش كلام ممكن يتقال خلاص.
هالة و هي تمسك يده الكبيرة بكلتا يداها
إنت بقالك إسبوع علي الحال ده . لا بتاكل و لا بتشرب و حابس نفسك في الأوضة . حرام عليك يا بابي أنا و صالح محتاجينلك.
و هنا نظر رفعت إلي إبنته ..
تراقصت بعيناه الدموع و هو يقول
أخويا ماټ يا هالة . يحيى .. أخويا الصغير ماټ . ماټ و هو زعلان مني . أنا عمري . عمري ماتخيلت إن له في قلبي الحب ده كله . عمري ما فكرت إني هندم أووي كده علي كل موقف . كل لحظة زعلته فيها . كنت دايما بقول علي نفسي أنا الكبير . لكن هو إللي طول عمره كان الكبير . بأفعاله و تصرفاته . أنا كنت أخ وحش أوووي عمري ما حبيته عمري ما خدت بالي منه.
و أطرق رأسه مجهشا بالبكاء لتقوم هالة و تحتضنه بقوة قائلة
يا بابي كفاية . عشان خاطري كفاية ! .. كانت تبكي مثله الآن
رفعت بصوت كالأنين
ماكنش يستاهل مني كل الكره ده . نفسي أشوفه بس و لو لمرة واحدة . عايز أعتذرله و أترجاه يسامحني . يا ريتني كنت أنا إللي مت و هو إللي عاش علي الأقل كان ممكن يسامحني أنا ماستهلش أعيش بداله ماستهلش.
هالة بحزن شديد
يا بابي إسكت . كفاية بالله عليك . ربنا يخليك لينا أنا مستحيل أقدر أعيش منغيرك.
رفعت بمرارة حاړقة
و أنا دلوقتي بقيت لوحدي . أخويا سابني و مش هقدر أعيش منغيره . ماعادش ليا حد و لا ضهر . ماعادش ليا لازمة !
في سيارة عثمان البحيري ... يركن قريبا من الشاطئ ثم يترك سيارته و يمضي بإتجاه البحر
يجلس فوق الرمال بعيدا عن الأمواج قليلا غير عابئ بتلويث ملابسه السوداء
ينظر إلي السماء الحالكة الملبدة بالغيوم و المرصعة بالنجوم ... يطلق تنهيدة حارة مطولة ثم يخرج هاتفهه من جيب سترته و بدون تردد يتصل بها ..
يأتي صوتها بعد لحظات
ألو !
40
خارج عن السيطرة !
تفتح سمر عيناها ... تستقبل ضوء صباح جديد
بقت مستلقية لدقائق في سريرها تحصي دقات قلبها المتسارعة و تتساءل عن سبب تعرق راحتي يديها ..
ربما لأنها ستقابل عثمان اليوم ! ... لقد سبق و قطعت وعدا للجارة زينب بإنها لن تسمح له بإن يختلي بها مجددا لن تلتقي به بمفردها أبدا
و لكنها لا تعلم .. لماذا منحته البارحة موافقتها بسهولة هكذا .. لماذا حاز علي عطفها .. لماذا أشفقت عليه لماذا لمستها نبرة الحزن في صوته
لم تشعر سمر بحاجة لتناول فطورها الآن فقامت بإطعام ملك ثم بدلت ثيابها و أخذتها و نزلت لتسلمها كالعادة للسيدة العطوفة التي تهتم بها ..
أهلا أهلا بالقطقوطة الصغننة بتاعتي ! .. هدلت زينب بإبتسامة عريضة و هي تفتح ذراعاها لتتلقي ملك
مدت سمر ذراعيها مبتسمة هي الأخري و ناولتها الصغيرة قائلة
القطقوطة الصغننة بتاعتك بقت شقية و فظيعة خآالص تعبتني.
زينب بضحك
و ماله ياختي تتشاقي ما كل العيال كده هتيجي عليها يعني .. ثم سألتها بسماحة
إيه رايحة الشغل و لا إيه
سمر بخفوت و توتر
إحم . لأ يا ماما زينب مش رايحة الشغل.
زينب بدهشة
أومال رايحة فين علي الصبح كده !!
إرتعشت أنفاسها و هي تدفعها بلطف إلي داخل الشقة ... أقفلت الباب بروية ثم أجابتها بهدوء حذر
ماما زينب . منغير ما تتعصبي . أنا رايحة أقابله.
زينب ببلاهة
رايحة تقابلي مين !
سمر بتردد
ع عثمان يا ماما زينب . هيكون مين يعني !
مر وقت قصير و زينب تكرر الكلمات في ذهنها مرات عدة مدققة في كل كلمة لكي تستطع معرفة هدفها الحقيقي ..
إنتي إتجننتي !! .. صاحت زينب پغضب
سمر بلطف
إهدي بس يا ماما زينب هفهمك.
زينب بإنفعال
هتفهميني إيه إنتي كده بتسرحي بيا يا سمر أو بتاخديني علي أد عقلي . إنتي مش وعدتيني إنك هتستسلميله تاني
سمر بوهن
يا ماما زينب لو سمحتي إسمعيني . أنا مش رايحة أقابله عشان حاجة . ما إنتي عارفة إن والده إتوفي الإسبوع إللي فات.
زينب بإستهجان
الله يرحمه و يحسن إليه ياستي بس إنتي مالك يعني هياخدك و يقرا عليه في الترب مثلا !
سمر بإنزعاج
حرام كده يا ماما زينب . الراجل في ذمة الله دلوقتي ماينفعش نتريق عليه بالشكل ده مايجوزش عليه غير الرحمة.
تنهدت زينب بضيق و قالت
أنا ماقولتش حاجة يابنتي . بس أنا مضايقة منك و من المماطلة و الكر و الفر إللي بينك و بينه . ما تجيبهاله علي بلاطة كده و قوليله إن إللي بينكوا إنتهي و خلصي نفسك من القرف ده.
سمر بنبرة تفيض حزنا
يعني إنتي فكراني مبسوطة بحالي معاه أنا لحد دلوقتي بستحقره و و لا مرة حسيت معاه بالآمان.
زينب بتعجب
أومال ليه ساكتة عليه لحد دلوقتي و رايحة تقابليه ليه !
صعبان عليا !
زينب بإستنكار ممزوج بالذهول
نعم ياختي !
تنفست سمر بعمق و ردت متأثرة بالمشاعر التي أخذت تجيش بصدرها الآن
لما كلمني إمبارح . حسيت في صوته نبرة حزن كبيرة أوي .. حسيت بالبرد في صوته . حسيت إنه شرد من نفسه . إنه غرقان و مش عارف يتنفس .. أنا مريت بإللي مر بيه يا ماما زينب و عارفة كويس يعني إيه خسارة أب أو أم . هو يمكن غني جدا و معاه فلوس تعيشه طول عمره مش محتاج لحد . بس الأب و الأم هيفضلوا أغلي حاجة في حياة ولادهم . أغلي من كنور الدنيا و مافيش حاجة ممكن تعوض غيابهم.
نظرت لها زينب
بيأس و قالت
يعني مصممة تروحيله هتعملي فيها طيبة و هتسيبيه يستغلك تاني حتي بعد ما عرفتي إن علاقتكوا حرام !
يا ماما زينب إطمني أكيد مش بيفكر دلوقتي في الحاجات دي هو في إيه و لا إيه بس
زينب بحنق
إنتي هتجنيني يابت عايزة تفهميني إنه عايزك عشان طمعان في شوية حنان !!
إنفجرت سمر ضاحكة رغما عنها بعد تلفظ زينب بالجملة الأخيرة لتوبخها السيدة بغيظ
و كمان بتضحكي
أقلعت سمر عن الضحك سريعا ثم قالت بجدية
ماما زينب . هو فعلا طمعان في شوية حنان . و أنا مش هقدر أبخل عليه بحاجة بسيطة زي دي حتي لو بكرهه . هو طلب مني كده . أنسي مشاعري تجاهه شوية و أكون لطيفة معاه و بس . و بعدين مهما كان هو بردو ساعدني و أنقذ حياة أختي.
زينب بحدة
و خد المقابل غآاالي أووي . خد مستقبلك و ضيعه.
سمر بصرامة
خلاص مش هياخد مني حاجة تاني . ده عهد خدته علي نفسي !
في قصر آلبحيري ... تردد رفعت كثيرا قبل الإقبال علي هذه الخطوة
لكنه وجد الأمر سهلا سيذهب ليطمئن عليها فقط ... علي كل .. مشاعره حبه عشقه الصامت و القديم لها كل شئ صار طي النسيان الآن بل و منذ ۏفاة أخيه
و كأنها الصڤعة التي هوت علي وجهه و أفاقته من تلك الغيبوبة فأميرته لم و لن تكن له أبدا و عليه ألا يبقي مسحورا بها بعد الآن .. فقد أدرك متأخرا حقيقة أنها زوجة أخيه و أم لرجل ناضج و فتاة بالغة
مشي رفعت متجها صوب غرفتها لتقابله صفية بمنتصف الرواق ..
أنكل رفعت ! صباح الخير .. قالتها صفية بإبتسامة شاحبة
رفعت بإبتسامة متوترة بعض الشئ
صباح النور يا صافي . إيه جاية من عند ماما !
أيوه يا أنكل . صحيت من ربع ساعة و ميعاد الدوا بتاعها كمان شوية لازم تفطر الأول قبل ما تاخده فقلت أنزل أعملها الفطار بنفسي.
رفعت بإهتمام
هي حالتها وصلت لفين دلوقتي ماتحسنتش
صفية و قد تهدل كتفاها بحزن
مش أوي يا أنكل . مامي إنطفت !
آلمه الوصف فتكلم بصوت متحشرج و كأن هناك شئ عالق بحنجرته
لسا ما بتتكلمش
هزت صفية رأسها سلبا
لسا.
طيب بتتواصلي معاها إزاي !
الدكتور قالها لو حبت تتكلم مع حد فينا ممكن تكتب إللي هي عايزاه علي الورق . و ساعات بتعمل كده فعلا.
أومأ رفعت بتفهم بينما إستأذنته صفية بأدب
عن أذنك يا أنكل . هنزل أجيب الفطار عشان ماتأخرش علي ماما.
رفعت بإبتسامة لم تصل إلي عينيه
إتفضلي يا حبيبتي.
ذهبت صفية ... ليستأنف رفعت سيره بإتجاه غرفة فريال ..
يطرق بابها مرتين ثم يدير المقبض و يلج ببطء ..
كانت نصف ممدة في السرير الكبير يغطي نصفها السفلي لحاف سميك باللون الأبيض .. تماما مثل وجهها الشاحب حتي البياض
كان جفناها مطبقين حين شعرت بظل يمتص بقايا ضوء الغرفة المتسلل عبر جوانب عيناها ..
أزاحت أهدابها بتثاقل لتتمكن من الرؤية ... تفاجأت عندما رأته يقف أمامها حقا تفاجأت و تملكها ڠضب شديد
أرادت أن تصرخ في هذه اللحظة و تطرده من هنا فورا و بالفعل فتحت فمها لتقصفه پعنف ... لكنها أغلقته ثانية عندما وجدت صعوبة في النطق مجددا
أحست بالعجز الآن فقط و إستسلمت للقدر مقهورة بينما رمقها بعينين معذبتين و كره نفسه أكثر حين طفقت تحدجه بنظرات إتهام مشمئزة ..
صباح الخير ! .. قالها رفعت بصوت مبحوح و تابع
إزيك سلامتك . عاملة إيه دلوقتي يا أم عثمان !
طعنته بنظرة بغض ساخرة ليعض علي شفته بقوة و يطرق رأسه شاعرا بالخجل منها ..
يجلس رفعت علي كرسي محاذيا للفراش ثم يقول دون أن يرفع وجهه إليها
أنا عارف إن أي كلام مش ممكن يسكن چرحك أو چرح أي حد فينا . يحيى
كان شئ مهم في حياتنا كلنا . كان مهم في حياتي أنا شخصيا رغم إني أخوه الكبير .. يحيى صحيح مش معانا بجسمه . بس أنا متأكد إنه معانا بروحه .. ثم نظر لها و أكمل
أنا متأكد إنه هنا معانا يا فريال . متأكد إنه شايفنا و شايفك إنتي بالأخص . الحب إللي بينكوا قوي أوي مش سهل ينتهي و لو حتي بالمۏت . و بما إنك كنتي و لسا أغلي إنسانة علي قلب أخويا مش عايزك تفضلي زعلانة كده . حالتك لا يمكن تكون عجباه أكيد بيتعذب و هو شايفك تعبانة بالشكل ده و مش قادرة تتكلمي .. و غير كل ده . إنتي لازم تكوني مؤمنة بقضاء ربنا يا فريال . ده عمره و لو ماكانش ماټ في الحاډثة كان ھيموت هنا علي سريره.
لو كانت النظرات ټقتل لكان رفعت الآن في تابوت ... قذفته فريال بنظرة فتاكة إهتاجت أنفاسها و هي تتلفت ياحثة عن المجلد الذي أعطاه لها الطبيب
عثرت عليه بين الأغطية و إلتقطت القلم ثم بدأت بالكتابة فيما يراقبها رفعت بإهتمام ... إنتهت و رفعت الورقة أمام ناظريه ..
إنت إللي قټلته . مش هسيبك يا رفعت هاخد بتاره منك . إنت فاكرني ممكن أعيش لحظة منغير أخوك أنا في لحظتها كان سهل جدا أروح وراه بس لأ مش قبل ما أبعتك الأول هعيش و هرجع أقف علي رجلي عشان أموتك زي ما مۏته
إتسعت عينا رفعت و جحظتا من الصدمة ..
مش ممكن ! .. صاح رفعت مذهولا ..
إنتي .. إنتي متخيلة فعلا . إني ممكن أقتل أخويا متخيلة إني ممكن آا .. لم يكمل جملته ... أشاح بوجهه محاولا السيطرة علي غضبه قبل أن يتفاقم بشدة ثم واصل كلامه بحدة
إنتي أكيد الصدمة لسا مآثرة علي دماغك . لو كنتي قولتي أي حاجة تانية . لو كنتي عبرتي عن حزنك بأي طريقة غير الطريقة دي كنت هعذرك لكن لما خيالك يوصل للنقطة دي مش هتلاقي عندي أعذار يا فريال . يحيى ده أخويا قبل ما يكون جوزك و أبو ولادك فاهمة يعني إيه أخويا حتي لو كنت بحبك و لو كان هو سبقني و وصل لقلبك قبلي مش ممكن هفكر آذيه عشانك . يعني أنا ممكن أفكر أقتل أخويا عشان واحدة ست إستحالة أخسر أخويا عشانك أو عشان غيرك أو عشان أي حاجة في الدنيا !
في هذه اللحظة سمعا هما الإثنان صوت أشياء تنكسر قريبا منهما ... إلتفتا الشقيق و الزوجة معا ليشاهدا صفية ..
تفف متصلبة كتمثال من حجر و قد سقطت صينية الطعام من يدها ...

41 
أصابع الندم !
في البداية ... كان الأمر أشبه بالحلم
عندما غدت الرؤية معتمة لدي سمر و السمع بالكاد كان واضحا حيث أتاها صوته كما لو أنه علي بعد مسافة سحيقة
كان يدوي غاضبا مروعا مفزعا ... و من بين سيل الكلمات السريعة اللاذعة التي خرجت كالقنابل من فمه لم تلتقط أذنها سوي كلمة واحدة متكررة منذ البادئ .. خاېنة ..
ياللعجب ! .. لماذا ينعتها بالخائڼة .. ماذا فعلت في الحقيقة لم تكترث سمر كثيرا بالإجابة و لم تتوق لمعرفتها
فقد كانت سعيدة ... البرد الذي أصابها و خدر جسدها بالكامل و الدوار المسكر و العجز المسيطر عليها تماما .. كل هذه الأمور أنبأتها بأن الأمر علي وشك الإنتهاء
كل هذا العڈاب سينتهي قريبا الآلم الذي شعرت به منذ فترة طويلة الذل القهر المهانة .. كل شئ صار مرهونا بالعد العكسي لعدد أنفاسها الأخيرة
كانت مسالمة علي نحو غريب لم يكن لديها أي ميل للحياة ... أرادت أن تتخلص منها سريعا و بالفعل كان لها ما طلبت
غلبتها الغفوة الثقيلة في هذه اللحظة إنسحب الهواء كله من رئتيها هاربا شدها الظلام أكثر فأكثر ... نحو القاع اللانهائي و قبل أن ينطفئ بصيص حياتها للأبد شعرت بالإمتنان لأن أخويها سيعيشان في راحة و هدوء من بعدها قضي الأمر ..
لم تعد تشكل النقطة السوداء في حياة كلاهما ... ملك ستكون بخير فادي سيعتني بها جيدا و غدا سيكون له مستقبل زاهرا و سيحظي بزوجة تسعده و تكون أما لملك عوضا عنها
أخر فكرة راودتها كانت ... تري هل سيكون لها حظا من رحمة الله هل سيغفر الله لها هل ستنال عفوه
إستسلمت و نفسها تزخر بالړعب و الفزع ...
رغم برودة الجو ... كان جسد عثمان يتصبب عرقا ساخنا بعد هذا المجهود البدني و العصبي الهائل الذي بذله خلال الدقائق القليلة المنصرمة التي بدت و كأنها عقود بالنسبة لها و له
ما زال يضربها بۏحشية ما زال يتحدث مازال كيانه ينضح حنقا و هو يهدر بأعلي صوته بلا وعي
خاېنة يا سمر . خونتيني زيها . كنت واثق فيكي . أفكاري كلها كانت بدأت تتغير من ناحيتك . كنت فاكرك مختلفة فعلا . كنت فاكرك غيرهم كلهم . لكن طلعتي ممثلة . ممثلة هايلة . خدعتيني . بعتيني . إنتي ماتستهليش أي حاجة . إنتي زييها بالظبط.
يتوقف عثمان أخيرا عندما شعر بالإنهاك يتنفس بصوت مرتفع ينظر إليها بإحتقار و لم تخالجه ذرة شفقة عليها
بل ألقي بالحزام الذي يقطر منه دمائها علي الأرض ثم إلتفت و مضي إلي الهاتف الرابض فوق طاولة بجانب الفراش
أمسك بدليل الأرقام و عثر علي رقم الإسعاف بسهولة ... ضړب الأرقام و إنتظر الرد ..
ألو .. كانت أنفاسه منتظمة الآن و تحدث علي نحو جدي هادئ ..
من فضلك محتاج عربية إسعاف علي العنوان ده أنا عثمان البحيري . إللي حصل مايخصكيش . إبعتيلي عربية و خلاص . دلوقتي حالا !
و أغلق الخط و هو يتنهد بثقل ... تناهي إلي سمعه صوت جرس هاتفهه كان مكتوما فعقد حاجبيه و هو يتتبع مصدره
وصل عند سمر ثانية ... الصوت ينبعث من أسفلها حيث وقع منه بالتأكيد أثناء جلسة الضړب العڼيفة التي أقامها لها
لكزها بقدمه و أزاحها جانبا ثم تناول الهاتف و رد بدون أن يعرف هوية المتصل ..
ألو !
المتصل بنبرة حماسية
عثمان بيه . معاك عبد المنعم صقر.
عثمان بفتور
أهلا . خير يا أستاذ صقر في مستندات تانية حابب توريهالي !
لأ يافندم ده أنا بتصل عشان أقولك خبر مهم جدا.
عثمان و هو يفرك وجهه بكفه
خبر إيه
أنا عرفت مين الست إللي جابت الصور بتاعت سيادتك . مش هتصدق هي مين حضرتك !
عثمان بإبتسامة ساخرة
مين يا أستاذ صقر
چيچي الحدآاد !
عثمان پصدمة
بتقول إيه
عبد المنعم بنبرة مهزوزة بعض الشئ
هي مفاجأة فعلا . أنا نفسي ماتخيلتش تفضل وراك بعد كل إللي حصل بينكوا . أنا قلت أبلغ حضرتك بالخبر ده قلت أكيد يهمك و من حقك تعرف عشان تاخد إحتياطاتك بعد كده.
عثمان بنفس الصدمة ممزوجة بالڠضب
إيه إللي إنت بتقوله ده إنت كل شوية هتطلعلي بحدوته جبت الكلام ده منين يبقي إنت إللي عامل كل ده و كدبت عليا . أقسم بالله ما هاسيبك !
عبد المنعم بجدية
يا عثمان بيه إهدا من فضلك . أنا هفهمك قبل ما تجيلي حضرتك إمبارح بعت واحد من إللي شغالين عندي ورا الست إللي جات و جابتلي الصور ... و حكي له ما حدث
سقط الهاتف من يده ... جحظت عيناه و تباعدت شفتاه پصدمة مضاعفة عندما وقع بصره عليها
مش إنتي !!! .. همس عثمان و صاح مكملا و هو يهرع إليها
مش إنتي يا سمر .. ركع بجوارها و أمسك بكتفيها
يعني مش إنتي إللي روحتي إنتي ماخونتنيش إنتي ماعملتيش حاجة فعلا زي ما قولتيلي أنا ظلمتك أنا .. عملت فيكي كده .. و شملها بنظرة مصعوقة ثم صړخ پذعر
لأااااااااااااااا . أنا عملت فيكي إيه عملت إيه أنا ماكنش قصدي أنا كنت فاكرك بعتيني . كنت فاكرك زيها . أنا آسف . آسف يا سمر . إصحي عشان خاطري . طيب فتحي عنيكي بس . أنا بحبك و الله عملت كل ده عشان بحبك . ماكنتش متوقع إني ممكن إتصدم فيكي . سمر . إنتي الوحيدة إللي ملكتي قلبي و الله العظيم . أنا حبيتك و عارفة و الله إمبارح لما كلمتك و قولتلك نتقابل كنت عايز أشوفك عشان أقولك إننا هنتجوز رسمي . كنت عملهالك مفاجأة .. سمر . قومي الله يخليكي ماتعمليش فيا كده !
و لكن لا حياة لمن تنادي ... هزها پعنف و هو يصيح
سمر ! لأااا ردي عليا ماتعمليش زيه . مش هقدر أستحمل ده تاني . أرجوكي لأ . لأ .. أرجوكي . قومي . لأ .. كان عذابا مروع باديا في صوته
سمر . سمر . أرجوكي . ردي عليا . لأ . لأ . سمر . لأ . لأاااااااااا . سمر !
و فجأة دوي بوق سيارة الإسعاف مقتربا شيئا فشئ من المنزل الممتلئ عويلا و صړاخا بالطبع لم يكن السائق بحاجة للنظر في العنوان
لقد أرشدته هذه الأصوات بمنتهي السهولة ...
في قصر آلبحيري ... تدور صفية بغرفتها علي غير هدي
بعد ما سمعته من فم عمها بغرفة أمها لم تشعر بنفسها إلا و هي تركض إلي هنا ... كانت دموعها تهطل بغزارة الآن
لو كان هذا الكلام صحيحا حقا فإنها کاړثة ...
صافي هانم !
إنتبهت صفية علي صوت الخادمة إلتفتت لها
عايزه إيه .. سألتها صفية بحدة
الخادمة بتوتر
فريال هانم عايزة حضرتك !
طيب روحيلها إنتي دلوقتي و أنا جاية وراكي.
أطاعتها الخادمة و ذهبت بينما إزدادت حيرتها و هي تتنهد بحرارة ..
يا ربي ! أعمل إيه أنا مش عارفة أي حاجة .. يا رب !!
إضطرت إلي الذهاب في الأخير ... ولجت عند أمها لتجدها جالسة في إنتظارها بفارغ
الصبر
تحاشت صفية النظر إليها و مشت ناحيتها بآلية .. جلست علي طرف السرير قبالتها لتمد فريال يدها و ترفع ذقنها لتجبرها علي النظر لها ..
رمقتها صفية بتساؤل ممزوج بالإرتباك ... ثم قالت بحذر
إيه إللي أنا سمعته ده يا مامي إللي أنا سمعته ده صحيح
بسرعة أمسكت فريال بالدفتر و القلم و بدأت تكتب ..
أعطت الورقة لإبنتها لتقرأ ... إنتي سمعتي إيه بالظبط 
إبتلعت صفية ريقها بصعوبة و أجابت
بابي ماټ في حاډثة . مش فاهمة . أنكل رفعت .. قال كلام فظيع .. فعلا هو ... هو إللي ق آا . هو إللي عمل كده في بابي ع عشانك
تكتب فريال من جديد ثم تقرأ صفية .. مافيش حاجة بيني و بين عمك يا صافي . إوعي تفهمي غلط 
صفية بوهن
أنا عارفة يا مامي . أنا مش ممكن أتخيل حاجة زي دي طبعا .. بس إللي هجينني . هو فعلا عمل كده و لا لأ !!
تنهدت فريال بآسي و عادت تكتب .. إستغرقت بعض الوقت في هذه الورقة و لكنها سلمتها لإبنتها بالنهاية ..
قرأت صفية .. أنا ماعرفش . بجد ماعرفش . أنا بس محروقة أووي يابنتي . قلبي مولع مش قادرة أطفي الڼار إللي جوايا علي أبوكي . عمك إعترفلي من فترة إنه بيحبني من زمان . ماكانش طبيعي لما قالي كده . أنا ماحبتش أكبر الموضوع و لو كنت قلت حاجة ليحيى الموضوع كان هيوصل للدم مش مجرد خناقة من خناقتهم العادية إللي بتحصل دايما .. أنا مش متأكدة من حاجة يا صافي . بس أنا يائسة . يائسة و حاسة إني هنفجر . عايزة أعمل أي حاجة . عايزة أرتاح . أنا عايزة أموت يا صفية . عايزة يحيى . أنا مش قادرة أصدق إني مش هاشوفه تاني . أنا هتجنن و الله هتجنن 
تترك صفية الورقة و تقترب من أمها التي بدأت تجهش بالبكاء ضمتها إليها متمتمة
خلاص يا مامي . بليز إهدي .. عشان خاطري . بعد الشړ عليكي يا حبيبتي . إوعي تقولي كده تاني . ده إنتي إللي باقيتلنا أنا و عثمان . مانقدرش نعيش منغيرك . فكري فينا يا مامي و صبري نفسك . إوعي تيأسي أو تستسلمي . إحنا معاكي . يعني كإن بابي معاكي . مش إحنا بردو حتة منه !
إرتجفت فريال و هي تنشج بحړقة في حضڼ إبنتها لتربت صفية علي ظهرها محاولة تهدئتها ..
صفية بلطف
بس يا مامي . إهدي يا حبيبتي.
في ڤيلا رشاد الحداد ... تجلس چيچي مع والدها في الشرفة المطلة علي الحديقة
يتناولا معا طعام الفطور و لكن چيچي مشغولة بشئ أخر ..
منذ أكثر من نصف ساعة و هي ممسكة بجميع الجرائد و المجلات تتصفح أخبار اليوم و خاصة أخبار صفحة المجتمع
علي أمل أن تري الڤضيحة التي دبرتها لزوجها السابق ... و لكن لا شئ لا شئ البتة !
يلاحظ والدها ما يحدث معها فينتابه الفضول ..
رشاد بصوته العميق
چيچي ! مالك في إيه
چيچي و هي تنظر له في توتر
هه ! بتقول حاجة يا بابي !
رشاد بنظرة ثاقبة
بقول مالك من الصبح و إنتي ماسكة الجرايد و مش بتفطري ! عايزة تشوفي إيه في الأخبار
چيچي بإرتباك
آا أبدا . مش . مش عايزة أشوف حاجة.
چيچي ! ..قالها رشاد بتشكك
قوليلي هببتي إيه طالما مرتبكة و حالك مشقلب كده يبقي عملتي مصېبة.
چيچي بضيق
لا مصېبة و لا حاجة . إنت
 

41  42  43 

انت في الصفحة 42 من 56 صفحات