حكايه مريم
بدنها و تدفقت الدموع من عيناها كالشلالات دون توقف ...
في سيارة عثمان البحيري ... يترجل منها متجها إلي رصيف الشاطى المهجور
يخرج هاتفهه و يتصل بالرقم الذي ترك له في مكتب إستقبال المشفي ... ينتظر للحظات ثم يآتي صوت أنثوي فيه مسحة غلظة ..
ألو !
عثمان بصوت صارم
أنا عثمان البحيري . أيا كان إللي بيتكلم معايا . إديني سمر.
هو إنت بقي بسلامتك خسارة إنك بتكلمني في التليفون . عارف لو كنت قدامي أقسم بالله كنت شربت من دمك يا جبان يا حقېر . بتستقوي علي بنت ضعيفة يا حيوان ! ضيعته عايز تخلص عليها خالص ربنا ينتقم منك إن شاء الله.
أطبق عثمان كفه علي الهاتف بقوة كما إشتدت عضلات فكيه و هو يجيب من بين أسنانه
أنا لحد اللحظة دي هادي جدا و لسا ما قررتش أي تصرف . فلو سمحتي قبل ما أفقد إللي باقي من أعصابي .. إديني سمر !
سمر عمرك ماهتشوفها تاني يا ندل . مش هاتشوف ضفرها و أنا إللي هاخدلها حقها منك.
46
أمل !
لم يكن الطارق سوي السيدة نعيمة ... والدة خميس
وقفت مواجهة لزينب و قد كانت تشتعل ڠضبا و يديها ترتجفان من شدة الإنفعال ..
أم خميس ! .. تمتمت زينب بإستغراب لكنها إستطردت بإبتسامة مرحبة
أهلا يا أم خميس . إتفضلي يا حبيبتي إدخلي .. و أفسحت لها مجالا للدخول
أنا مش جاية أضايف ياست زينب .. و أكملت و هي تصوب نظرها نحو سمر
أنا جاية أقول كلمتين للمحروسة إللي قاعدة هناك دي و ماشية علطول.
أحست سمر بإرتجاف الهواء فوق شفتيها و هي تحدق في السيدة بريبة بينما ولجت الأخيرة و مضت ناحيتها ..
إسمعي يا شاطرة ! .. قالتها نعيمة بخشونة و هي تقف علي مقربة منها و تابعت
تقلصت ملامح سمر پألم لكنها حاولت إستعادة تعابيرها الطبيعية متجاهلة الدموع المنهمرة من عيناها ..
أنا عمري ما فكرت في خميس و مش هفكر فيه إطمني خميس زيه زي فادي أخويا بالظبط و نظرتي له كأخ مش هتتغير أبدا.
نعيمة بتهكم
كلامك موزون و منقياه كويس عشان تنيميني بيه و تلفي علي الواد من ورايا . بس أنا بقي صاحيالك ياختي و مش هسيبلك الفرصة دي . بعينك تتجوزي إبني أنا إستحالة أقبل أجوزه واحدة إتجوزت من قبله جوازة شفوي !
تتدخل زينب عند هذا الحد صائحة و قد طبع الحنق كل ملامح وجهها
إيه إللي إنتي بتقوليه ده ياست إنتي ما تحسبي كلامك و أعرفي إنتي بتقولي إيه هي حصلت تيجي لحد بيتها و ترمي عليها تهمة زي دي ما تفوقي يا حبيبتي و بوصيلها كويس . دي سمر يا حبة عيني إللي كل الحتة بتحلف و تتحالف بأخلاقها و تربيتها.
ضحكت نعيمة بسخرية و قالت
لأ و هي متربية أووي يا زينب . لما تروح تتجوز البيه صاحب الشركة عرفي تبقي متربية و بنت أصول محدش يقدر يقول عليها نص كلمة.
زينب پصدمة
إنتي مين إللي قالك الكلام ده
إبتسمت نعيمة بإلتواء و قالت
يعني صح يا زينب !
زينب بإنفعال
لأ طبعا مش صح ده كله كلام فارغ . سمر ماتعملش حاجة بطالة أبدا قوليلي مين إللي قالك كده و أنا أكدبه قدامك و أحط صوابعي العشرة في عنيه.
نعيمة بإبتسامة مستفزة
أنا مش جاية أحقق في إللي جرا يا زينب . كل حي يعمل إللي يعجبه . أنا بس جاية أحذر قطتك الحلوة . لو ماسمعتش الكلام و بعدت عن إبني أنا هخلي إللي ما يشتري يتفرج عليها.
زينب بزمجرة
ټهديد ده يا نعيمة !
نعيمة ببرود
لو إنتي شايفة كده يبقي أه . إنتي طبعا عارفة يا زينب إن بكلمة مني ممكن أقيد الڼار في بيتك كله و هيجي الخړاب علي دماغك بسببها . فلميها أحسن و عقليها . قوليلها تبعد عن إبني بدل ما فضيحتها تبقي بجلاجل في الحتة كلها ثم شملت سمر بنظرة إزدراء أخيرة و قالت
فوتكوا بعافية !
و ذهبت صافقة باب الشقة من خلفها ... كانت سمر و زينب متجمدتين في هذه اللحظة و كأنهما تمثالين من الشمع ..
توقف الباب عن الإرتجاج عنذ لك فقط إنتفضت زينب و إنطلقت إلي خارج الشقة ..
شهيرة ! .. صاحت زينب بصوت يزخر بالڠضب الشديد
في قصر آلبحيري ... يشعر عثمان بالحيرة و التردد حيال الفكرة التي جاءته
لم يكن متأكدا إذا كانت فكرة صائبة أم خاطئة .. لكنه لأول مرة شعر بالحاجة لإفشاء ما بداخله و هي أنسب من خطرت علي باله !!!
يتوجه عثمان نحو غرفة شقيقته و هو يقدم ساق و يؤخر الأخري .. يدق بابها ثم يدخل حابسا أنفاسه بتوتر ..
كانت تجلس في شرفتها عندما ظهر أخيها من خلف باب الغرفة ... صاحت بإبتسامة شاحبة
عثمان ! تعالي يا حبيبي.
مضي عثمان إليها بتباطؤ و جلس في كرسي قبالتها ..
إزيك يا صافي .. قالها عثمان بلهجة مقتضبة
صفية و هي تهز كتفاها بخفة
كويسة . الحمدلله .. إنت إيه أخبارك
تمام . لأ .. في الحقيقة مش تمام خآالص ! .. كان صوته يائسا بشكل ملحوظ
صفية بإهتمام
مالك يا عثمان .. عندك مشكلة و لا إيه
تنفس عثمان بعمق و أجابها
عندي مشكلة كبيرة يا صافي.
صفية و هي تتململ بقلق
خير يا حبيبي . مالك يا عثمان إحكيلي بلاش تقلقني أكتر من كده بليز !
عثمان بلطف
ماتقلقيش يا حبيبتي . . المشكلة مش خطېرة لدرجة القلق يعني.
صفية بحيرة
طيب فهمني . ماتسبنيش حيرانة كده هفضل قلقانة عليك.
نظر لها عثمان بتفكير ثم قال بجدية
قبل ما أقولك أي حاجة إوعديني إن كل كلمة هتبقي سر بينا . ماينفعش مخلوق يعرف أي حاجة و لا حتي صالح.
إبتسمت صفية بسخرية حين آتي علي ذكر صالح و قالت
إطمن يا عثمان . لو علي صالح مش هيعرف أي حاجة.
عثمان بلهجة حادة
صالح أو غيره.
صفية بنفاذ صبر
يا أخي حد قالك عليا فتانة ما تتكلم بقي يا عثمان إخلص !
يأخذ عثمان نفسا عميقا .. ثم يبدأ بسرد القصة عليها و من البداية ...
في شقة الجارة شهيرة ...
تقف زينب في منتصف الصالة تهدر بأعلي صوتها و عيناها تقدحان شرارات غاضبة
هي دي الأمانة إللي آمنتك عليها يا شهيرة هو ده السر إللي قولتيلي في بير عملتي كده ليه قوليلي ليه ليه ڤضحتي البت ده ربنا كان سترها تيجي إنتي تفضحيها بس العيب فعلا مش عليكي . العيب عليا أنا إني وثقت فيكي و حكتلك . أنا إللي أستاهل.
شهيرة بدموع
أبلة زينب . سامحيني . أنا غلطانة و الله !
زينب بإستنكار
أسامحك هو إنتي كسرتيلي كوباية و لا طبق إنتي خونتي الثقة يا شهيرة . خونتي الأمانة . خونتي عشرة العمر و العيش و الملح.
شهيرة بصوت كالأنين
ونبي كفاية يا أبلة . ونبي تسامحيني . أنا ماكنش في نيتي حاجة وحشة و الله.
زينب بعدم تصديق
أنا مش عارفة إزاي لساني فلت مني و حكتلك و مش مصدقة إنك سمعتي مني و جريتي تنشري الأخبار في كل حتة . إزاي أنا كنت غبية كده إزاي حكتلك سر خطېر زي ده إزآااااي
شهيرة بنبرة معذبة
يا أبلة زينب كفآاية الله يخليكي . يا ريتك ماكنتي حكيتيلي فعلا . يا ريتك.
زينب بحدة
قولتي لمين تاني يا شهيرة إنطقي قوليلي مين تاني في الحتة لسا ماعرفش بڤضيحة سمر
شهيرة بإنفعال صادق
و الله ما قلت لحد تاني . أقسم بالله و حياة ولادي ما قلت لحد تاني !
زينب
بإبتسامة ساخرة
حتي لو ما قولتيش . نعيمة مش هتسكت . هتخلي سيرة البت علي كل لسان . السر مابقاش سر خلآاص و البت إتفضحت و إللي كان كان.
أطرقت شهيرة رأسها باكية بحړقة بينما نظرت لها زينب بإحتقار و لم تتأثر البتة بحرارة نشيجها ..
من بكره تلمي عزالك و تشوفيلك مطرح تاني تقعدي فيه .. قالتها زينب بصرامة و أكملت
ماعادش ليكي مكان في بيتي يا شهيرة.
رفعت شهيرة وجهها بسرعة و شعرت بإن جدران البيت تهتز .. لكنها لم تكن هزة أرضية كما ظنت لبرهة إنما إرتجافها هي ..
بتقولي إيه يا أبلة ! .. تمتمت شهيرة پصدمة
زينب بقسۏة
إللي سمعتيه . قدامك من هنا لأخر الإسبوع . تكون الشقة فاضية و المفتاح في إيدي.
ثم تركتها و عادت إلي شقتها
وجدت سمر جالسة كالصنم لا تتحرك إطلاقا بالكاد كتفاها يصعدان و يهبطان نتيجة معدل أنفاسها ... مضت زينب إليها ركضا و جلست بجوارها علي حافة الآريكة
مالك يا سمر مالك يا حبيبتي إنتي كويسة
و فجأة لمحت هاتفهها ملقي في حجر سمر و لا زالت الشاشة مضاءة تشير لإنهاء إحدي المكالمات ..
هو في حد إتصل بيا و لا إيه .. قالتها زينب بصوت تساوره الشكوك لترد سمر بصوت هامس بالكاد كان مسموعا
فادي . فادي لسا قافل معايا . راجع بكره يا ماما زينب !
عند عثمان و صفية ...
بعد أن فرغ عثمان من سرد قصته
47
خطة زواج !
في صباح اليوم التالي ... يصل فادي في ساعة مبكرة يتفاجأ بمكوث شقيقتاه في بيت الجارة زينب
كما أصابه الذعر عندما شاهد سمر و رأي حالتها السيئة فورا تحولت ملامحه و نظراته إلي علامات إستفهام لا نهاية لها
يابني قولتلك عملت حاډثة بسيطة ! .. قالتها زينب بشئ من التوتر ليرد فادي الذي كان يحمل ملك علي ذراعه
حاډثة بسيطة تعمل فيها كل ده .. كان الإستنكار واضح جدا في صوته
زينب بإرتباك
يا حبيبي الإصابات مش كبيرة و زي ما إنت شايف أختك مش متجبسة ده يا دوب الدكتور ربطلها إيديها و رجلها و قالها ماتتحركش . إسبوع و لا إتنين و هترجع أحسن من الأول !
فادي بعدم تصديق
و الحاډثة دي حصلتلك فين
إزدردت سمر ريقها الجاف بصعوبة و أجابته بتلعثم
و آا و أنا ر راجعة من الشغل !
فادي بحدة
طيب و قاعدة هنا ليه إزاي تباتي